اسمه ونسبه: هو أبو بكر عاصم بن بهدلة أبي النَّجُود الأسدي مولاهم الكوفي شيخ الإقراء بالكوفة وأحد القراء السبعة.
ويقال أبو النجود اسم أبيه لا يعرف له اسم غير ذلك وبهدلة اسم أمّه وقيل اسم أبي النَّجُود عبد الله...
مولده:
لم يتعرض أحد ممن روى تاريخ الإمام عاصم الكوفي لسنة مولده.
البلد التي ولد فيها:
من الواضح أن الإمام عاصم قد ولد ونشأ وتوفي بالكوفة، وقد أشار الإمام الشاطبي إلى أن الإمام عاصم كان يقيم بالكوفة، فقال في مقدمة الشاطبية:
وَبِالْكُوفَةِ الْغَرَّاءِ مِنْهُمْ ثَلاَتَةٌ أَذَاعُوا فَقَدْ ضَاعَتْ شَذًا وَقَرَ نْفُلاَ
فَأَمَّـا أَبُو بَكْرٍ وَعَاصِـمٌ اسْمُهُ فَشُعْبَةُ رَاوِيهِ المُبَرِّزُ أَفْضَـلاَ
قال الشارح:
الغرّاء يعني المشهورة البيضاء المنيرة بكثرة العلماء بها، منهم يعني من السبعة ثلاثة هم عاصم وحمزة والكسائي أذاعوا أي أفشوا العلم بها وشهروه ونشروه والضمير في ضاعت للكوفة أو للقراءة أي فاحت رائحة العلم بها والشذا كسر العود والقرنفل معروف...
وهذا هو البدر الخامس أبو بكر عاصم بن أبي النجود أحد السادة من أئمة القراءة والحديث... أثنى الشيخ الشاطبي على عاصم بأن من جملة الرواة عنه شعبة الذي برز في الفضل وهو باب من أبواب المدح معروف فكم من تابع قد زان متبوعه وكم من فرع قد شرف أصله...
شيوخه:
روى حماد بن زيد عن عاصم قال: كنا نأتي أبا عبد الرحمن أي السلمي ونحن غلمة أيفاع.
وقال أبو بكر بن عياش قال لي عاصم: ما أقرأني أحد حرفا إلا أبو عبد الرحمن وكان أبو عبد الرحمن قد قرأ على علي t فكنت أرجع من عنده فأعرض على زرّ وكان زر قد قرأ على عبدالله t
فقلت لعاصم لقد استوثقت رواها يحيى بن آدم عنه. وروى جماعة عن عمرو بن الصباح عن حفص الغاضري عن عاصم عن أبي عبد الرحمن عن علي t بالقراءة.
وذكر عاصم أنه لم يخالف أبا عبد الرحمن - أي السلمي - في شيء من قراءته وأن أبا عبد الرحمن لم يخالف عليا في شيء من قراءته. وروى أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش قال كل قراءة عاصم قراءة أبي عبد الرحمن إلا حرفا.
قال الذهبي:
وقرأ القرآن على أبي عبدالرحمن السلمي، وزرّ بن حبيش الاسدي، وحدث عنهما، وعن أبي وائل، ومصعب بن سعد، وطائفة من كبار التابعين، وروى فيما قيل عن الحارث بن حسان البكري، ورفاعة بن يثربي التميمي، أو التيمي، ولهما صحبة، وهو معدود في صغار التابعين.
تلاميذه :
أشهر تلاميذ الإمام عاصم الكوفيّ:
1 - أبو بكر (شعبة) وقد ولد سنة 95 هـ، 714 م وتوفي في جمادى الأولى سنة 193 هـ، 809 م.
وكان إمامًا علمًا كبيرًا عالمًا عاملا حجة من كبار أئمة السنة ولما حضرته الوفاة بكت أخته، فقال لها ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة.
2 - الروي الثاني لعاصم هو حفص وقد ولد سنة 90 هـ، 709 م وتوفي سنة 180هـ، 796 م، وكان أعلم أصحاب عاصم بقراءة عاصم، وكان ربيب عاصم ابن زوجته.
قال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت من قراءة عاصم رواية حفص وقال ابن المنادى: كان الأولون يعدونه في الحفظ فوق ابن عياش ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ على عاصم أقرا الناس دهرًا وقال الحافظ الذهبي: أما في القراءة فثقة ثبت ضابط بخلاف حاله في الحديث.
وقد أشار إليهما الإمام الشاطبي بقوله:
وَذَاكَ ابْنُ عَيَّاشٍ أَبُو بَكْرٍ الرِّضَا وَحَفْصٌ وَبِاْلإتْقَانِ كانَ مُفضَّلاَ
قال حفص: قال لي عاصم: ما كان من القراءة التي أقرأتك بها فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي، وما كان من القراءة التي أقرأتها أبا بكر بن عياش فهي القراءة التي كنت أعرضها على زر ابن حبيش عن ابن مسعود...
وقال الذهبي:
حدّث عنه عطاء بن أبي رباح، وأبو صالح السمان، وهما من شيوخه، وسليمان التيمي، وأبو عمرو بن العلاء، وشعبة، والثوري، وحماد بن سلمة، وشيبان النحوي، وأبان بن يزيد، وأبو عوانة، وأبو بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة وعدد كثير.
وتصدر للاقراء مدة بالكوفة، فتلا عليه أبو بكر أي شعبة، وحفص بن سليمان...
منهجه في القراءة:
يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي عن منهج الإمام عاصم الكوفي في القراءة:
1 - يبسمل بين كل سورتين إلا بين الأنفال وبراءة فله السكت والوصل.
2 - يقرأ المدين المتصل والمنفصل بالتوسط بمقدار أربع حركات.
3 - يميل شعبة عنه ألف "رمى "في ولكن الله رمى "بالأنفال "وألف أعمى في موضعي الإسراء "ومن كان في هذا أعمى فهو في الآخرة أعمى "وألف نآى في "ونآي بجانبه "في الإسراء.
وألف ران في "كلا بل ران" في المطففين وألف في "شفا جرف هار "في التوبة، ويميل حفص عنه الألف بعد الراء في "مجريها ".
4 - يفتح من رواية شعبة ياء الإضافة في "من بعدي اسمه أحمد "في الصف ويسكنها من رواية شعبة أيضًا في "أومى إلهين" في المائدة و"أجرى إلا" في جميع المواضع، و"وجهي لله" في آل عمران والإنعام.
و "بيتى" في "ولمن دخل بيتي" بنوح، "ولى دين" في الكافرون.
5 - يحذف الياء الزائدة وصلًا ووقفًا من رواية شعبة في "فما آتان الله خير" في النمل.
6 - يقرأ من رواية شعبة "من لدنه" بالكهف بإسكان الدال مع إشمامها، ومع كسر النون والهاء وإشباع حركتها.
ثناء العلماء عليه:
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي عن عاصم فقال: رجل صالح ثقة خير
وقال عنه الإمام ابن الجزري: هو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي في موضعه جمع بين الفصاحة والاتقان والتحرير والتجويد وكان أحسن الناس صوتًا بالقرآن...
وقال أبو بكر بن عياش: لا أحصي ما سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول ما رأيت أحدًا أقرأ للقرآن من عاصم بن أبي النجود.
وقال يحيى بن آدم عن حسن بن صالح: ما رأيت أحدًا قط كان أفصح من عاصم...
وقال ابن عياش: قال لي عاصم: مرضت سنتين فلما قمت قرأت القرآن فما أخطأت حرفًا.
وقال حماد بن سلمة: رأيت حبيب بن الشهيد يعقد الآي في الصلاة ورأيت عاصم بن بهدلة يعقد ويصنع مثل صنيع عبد الله بن حبيب.
وروى حماد بن سلمى وأبان العطار عن عاصم أن أبا وائل ما قدم عليه إلا قبَّل كفه.
وقال حفص: كان عاصم إذا قرىء عليه أخرج يده فعد.
وروى أبو بكر بن عياش عنه أنه كان يبدأ بأهل السوق في القراءة.
وقال أبو حاتم: محله الصدق
من كلماته:
- من لم يحسن من العربية إلا وجهًا واحدًا لم يحسن شيئًا.
وفاته:
قال ابن عياش دخلت على عاصم وقد احتضر فجعل يردد هذه الآية يحققها حتى كأنه في الصلاة: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق.
وقد توفي الإمام عاصم سنة 127 هـ، 745 م رحمه الله رحمةً واسعة.
المراجع:
- غاية النهاية في طبقات القراء.. ابن الجزري
- النشر في القراءات العشر.. ابن الجزري
- إبراز المعاني من حرز الأماني.. أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل
- سير أعلام النبلاء.. الذهبي
- ما نسب للشيخ عبد الفتاح القاضي من موقع طريق القرآن.
المصدر: موقع قصة الإسلام